في أغلب الأحيان، تكون الكتابة حاجة، درب من دروب العلاج، مسكّن للآلام أو صديق يحملك بعيدًا عن الكبت المستمر والاحتفاظ بالألم داخلًا. وفي مواقع مختلفة، تكون الكتابة كأس إضافيّة من السعادة، فتكتب سعيدًا ناشرًا للسعادة، نبيّ أو رسول، أو تاجر للمخدّرات. أو في أدقّ وصف: صاحب حانة، لا تمنحهم إلّا ما يملكون في أحشائهم، إذ تقول الرواية إن الكحول يُخرج ما بداخلك فقط، لا يمنحك إلّا بعض الشجاعة لتقول وتفعل ما تفكّر به. ولكن، ما علاقة هذا كلّه بما سيُكتب هنا ؟ لا علاقة. ومن يبحث عن العلاقة بين الجمل، ليخرج سريعًا من هنا، فهذه المدوّنة ليست إلّا مساحة.

الثلاثاء، 28 يناير 2014

عاطل

يبدو أنه قد حان وقت التدوين، تدوين ٦٠ يوماً من الحب، الذات والحرية. تدوين ٦٠ يوماً من اللا عبودية. 
هذه الفترة تحتاج التوثيق أكثر من ١١ يوماً في معتقل الجلمة، ٢٤ عاماً من الأكل والشرب و ٦ اعوام من الدراسة الاكاديمية. 
أكتب ما أكتب الآن ورب الكون عدو لي في السماوات والأرض، شهر قد مر وشهر آخر يمر وأنا عاطل عن العمل، لا بل شهر قد مر وشهر آخر يمر وأنا أكثرهم نشاطاً في عملي .
أنهض قبل ضجيج المنبّه بنصف ساعة وأكثر تقريباً، مطبخي الصغير في غاية الترتيب، القهوة في مكانها الطبيعي، أحمل غلاية القهوة وقد تم تنظيفها منذ البارحة صباحاً، اشرب قهوتي اثناء تصفّحي لوكالات الانباء والصحف، ومن ثم اباشر في ترتيب أوراقي الجامعية، في تمام الساعة الثامنة والنصف اخرج من منزلي نحو غايتي. 
استقل الحافلة نحو ما اريد، لأقرأ، أكتب، اناقش اربط واحلل. 
إنها حياة أملك فيها حياتي.  
انت تخرج يومياً من بيتك نحو الاستعمار، ٩ ساعات من يومك تقضيها لتوّفير ما تأكل وتشرب، ستحتاج بعدها ل ٨ ساعات إضافية من النوم أي ما يساوي ١٧ ساعة يومية من حياتك هي ليست لك. ما تبقى هو ٧ ساعات أنت تملكها ساعتان منهم في أقل حساب لتستريح من ٩ ساعات قد خطفوا فيها كل قواك، ما يتبقى لك الآن هو ٥ ساعات ستفقد منها ساعة قهوة بعد النهوض من الفراش تشمل الاستحمام. 
ما تملكه فعلياً من يومك هو ٤ ساعات من أصل ٢٤ ساعة. 
أوتحلم بتغيير العالم ؟ 
لن تستطيع تحرير ذاتك من عبوديتك التي تحاول الاستمتاع بها، كم أود أن أشرح ما استطعت في شهرين من الحرية المطلقة، أكبر بكثير من أن يُكتب في تدوينة. 
تنهض حباً للانتاج والحياة، لا كرهاً في الاستعباد. 
لقد نفذ مخزوني من النقود، سأسافر اليوم أو غد بالاكثر نحو تسليم ذاتي بقرار من محكمة الاستعمار نحو رب عمل جديد ليأخذ مني ما يساوي نصف يومي. 
لهذا فالتغيير قد اصبح حكراً لابناء الآباء من الطبقة البرجوازية، أو لابناء الجوع أو لرفيق مثلي قد أعلن الآن أنه لن يُسلّم نصف يومه لأحد ولو مات جوعاً. 
أحلامي في تحرير الارض والانسان تحتاج ساعات اضافية فوق تلك ال ٢٤ ساعة. سأضحّي بطعامي هذه الليلة لأجل التغيير، فلا تغيير مجاني في هذا العالم. 
والعبد لا يملك وقتاً ليثور ويفكّر في الثورة.
ثورة بلا متفرّغين ستُقتل عندما يجلس الثائر أمام المحقق ليفكّر في في ما سيحصل، لو لم يباشر العمل في الثامنة صباحاً. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق